
لقاء موسّع في دارة الرئيس ميقاتي: إدانة أحداث الساحل السوري والدعوة لإغاثة النازحين وتأمين عودتهم إلى سوريا
الجمعة، ١٤ آذار، ٢٠٢٥
عقد لقاء سياسي موسّع في دارة الرئيس نجيب ميقاتي في مدينة الميناء للبحث في التطورات الراهنة في لبنان وتداعيات الأحداث الجارية في سوريا على الواقع اللبناني لا سيما على صعيد شمال لبنان.
شارك في اللقاء رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي، تمام سلام وفؤاد السنيورة، النواب السادة:عبد الكريم كبارة، إيلي خوري، طه ناجي، جميل عبود، إيهاب مطر، وليد البعريني، محمد يحيى، جهاد الصمد، أحمد الخير.
كما حضر النواب والوزراء السابقون بهية الحريري، عمر مسقاوي، سمير الجسر، رشيد درباس، نقولا نحاس، سامي فتفت، أحمد فتفت، رامي فنج، علي درويش، خضر حبيب، ومصطفى علوش.
وحضر مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام، وأمين الفتوى الشيخ بلال بارودي، مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، ممثل متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس المطران افرام كرياكوس أمين سر المطرانية الأب نقولا داوود، رئيس أساقفة طرابلس والشمال للروم الملكيين الكاثوليك المطران إدوار ضاهر، متروبوليت عكار للروم الأرثوذكس المطران باسيليوس منصور، كاهن رعية الأرمن الأرثوذكس الأب كريكور يافيايان، نقيب الأطباء في الشمال الدكتور محمد صافي، نقيب المهندسين في الشمال شوفي فتفت، نقيب المحامين في الشمال سامي الحسن، نقيب أطباء الأسنان في الشمال الدكتور ناظم الحفار، رئيس غرفة التجارة والصناعة في طرابلس توفيق دبوسي.
الرئيس ميقاتي
بعد اللقاء أدلى الرئيس ميقاتي بالتصريح الآتي: عقدنا هذا الإجتماع نتيجة الأحداث التي حصلت في سوريا وانعكاسها على لبنان وخصوصاً على منطقة الشمال.
دعونا الى هذا الإجتماع، وبكل سرور حضرته شخصيات من مختلف المناطق اللبنانية وخاصة وجود الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام، السيدة بهية الحريري ومختلف الفاعليات والنواب من طرابلس والضنية والمنية وعكار بالإضافة إلى رجال الدين وأصحاب السيادة المطران سويف والمطران ضاهر وممثل مطران طرابلس والمطران منصور مطران عكار.
بحثنا خلال الإجتماع الإنعكاسات التي حصلت في سوريا وكيفية استيعاب هذا الموضوع. لقد تم وضع مسودة بيان لهذا الإجتماع وحصلت مناقشة طويلة وبناءة وإيجابية جداً وقد أضيفت بعض النقاط على البيان.
الأهم هو استنكار الأحداث الدموية التي حصلت في سوريا والتشديد على أهمية المصارحة والمصالحة، ودعوة الحكومة اللبنانية للسعي مع الهيئات الدولية من أجل إيواء وتعزيز الإغاثة السريعة للنازحين الذين حضروا، ومن ثم السعي مع الحكومة السورية من أجل عودة النازحين السوريين إلى سوريا، ولا يوجد كلمة لجوء في لبنان بأي شكل من الأشكال.
بما أن الاجتماع حصل في طرابلس، فقد بحثنا في المواضيع الطرابلسية والشمالية بشكلٍ عام وضرورة الإسراع في إقرار اللامركزية الإدارية والقيام بالتعيينات اللازمة في مجالس الإدارة، لأن في مدينة طرابلس مقومات اقتصادية كبيرة وعلينا الاستفادة منها، وذلك بعد استكمال تشكيل مجالس الإدارة والتعيينات الإدارية.
الأهم هو ضبط الفلتان الأمني بكل ما للكلمة من معنى ورفع الغطاء عن أي مُرتكب، كما أنه على القضاء أن يُسرّع في موضوع المُحاكمات. هذه الأمور بشكل عام بحثنا بها وأكرر وأقول إن الإجتماع كان إيجابياً جداً، وأتمنى أن يُثمر وتوجد هناك متابعة في المرحلة القصيرة عبر "فاعليات طرابلس" ومن ثم ستكون عبر اجتماع آخر سيعقد قريباً في طرابلس لمن حضر اليوم وللنواب الذين تغيبوا بعذر بسبب السفر.
ورداً على سؤال، قال: "لم ندعُ رئيس الحكومة نواف سلام فالإجتماع هو عادي وطرابلس هي مدينة الرئيس سلام ويمكنه أن يزورها متى شاء وأهلاً وسهلاً به، ولا يجب وضع الأمر في أي مكانٍ آخر. الإجتماع عادي وفكرته خرج بها الرئيس فؤاد السنيورة وبحثناها مع الرئيس تمام سلام ورأينا أنه في ظل الظرف الصعب الذي تمرُّ به المنطقة والإقليم ككل، أن نبدأ بعقد هكذا اجتماعات لنُظهر وحدة الموقف بين اللبنانيين".
وعن إقرار الحكومة للموازنة بمرسوم، قال ميقاتي: "الحكومة تقول إنها لا تريد أن تقوم بصرف سلف خزينة، كما أنها لا تستطيع أن تصرف المال على القاعدة الإثني عشرية، لأن هناك أموراً كثيرة طرأت هذا العام وزادت من موضوع الصرف، وبالتالي، فإنه من الطبيعي أن تُقر الموازنة بمرسوم ومن ثم تجرى التعديلات اللازمة مثلما حصل يوم أمس، عبر إرسال الحكومة مشروع قانون إلى مجلس النواب لتخفيض بعض الرسوم التي كانت مطلوبة في الموازنة. أعتقد أن هذا الأمر طبيعي لتسيير أمور الدولة في هذا الوقت الحاضر وهذا موقف حكيم".
وعن التعيينات الجديدة، قال ميقاتي: "في هذا الموضوع، فإنه ستؤخذ بعين الإعتبار مُختلف المناطق اللبنانية، ولكن يوم أمس تمت التعيينات الأمنية وبحسب التدرج الأمني حصل ما حصل. لا أعتقد أن طرابلس والشمال مُستهدفان بإقصائهما عن هذه المراكز. التعيينات حصلت بحسب الأقدمية والحضور العسكري. هناك تعيينات قريبة ستحصل لا سيما على صعيد مجالس الإدارة وستكون جميعها شمالية وطرابلسية، وأيضاً على صعيد بعض المراكز الإدارية والأساسية في الإدارة اللبنانية".
وعن الإنتخابات البلدية قال: "الإنتخابات المُشار إليها هي إنتخابات إنمائية بحتة وسيكون لي الموقف المناسب عند إعلان هذا الموضوع".
الرئيس السنيورة
بدوره، تحدث الرئيس فؤاد السنيورة فقال: "أريد أن أثني على هذه المبادرة وعلى هذه الفرصة الطيبة من أجل التلاقي، وكذلك أيضاً التحاور في قضايا تهم كل الوطن وتهم أيضاً منطقة طرابلس والشمال وتهم أيضاً جوارنا السوري".
وأضاف: "هذه القضايا تحتاج إلى موقف واضح وصريح ومُحب، ويجب أن نجد حلولاً للمسائل المطروحة بعد الأحداث الدموية التي حصلت في سوريا والتي نتج منها نزوح إلى لبنان".
وتابع: "يجب التأكيد أيضاً على أهمية الخطوات التي تقوم بها الحكومة السورية الجديدة من أجل احتضان كافة فئات المجتمع السوري وبالتالي الحؤول دون المزيد من النزوح. أيضاً، يجب معالجة المشكلات التي نتجت بسبب هذه الأحداث الدامية، وكل من ارتكب أي جُرم بهذا الشأن يجب أن ينال عقابه".
وقال: "نثني على الدور الذي تقوم به الدولة السورية من أجل الحفاظ على سلامة التراب السوري، ويجب أن تكون السلطة في سوريا تابعة للسلطة المركزية في دمشق. إن تأكيدنا على وحدة سوريا هو تأكيد على العلاقة القويمة التي يجب أن تكون بين لبنان وسوريا، وأعتقد أنَّ هذه فرصة كبرى من بعد المأساة التي حصلت وبالتالي يجب تحويلها إلى فرصة حقيقية للبنان من أجل بناء علاقات قويمة وسليمة وندية ما بين لبنان وسوريا، قائمة على الإحترام المتبادل ما بين الدولتين".
وتابع: "نحن وسوريا جيران وأشقاء ولدينا مصالح مشتركة، وسوريا هي مدخلنا الوحيد البري إلى العالم العربي".
وأكمل: "المناسبة هي لبحث قضايا تتعلق بالنهوض بمنطقة طرابلس والشمال وهذا أمرٌ في غاية الأهمية. يجب أن يكون هناك عمل مشترك، الدولة التي عليها أن توفر المناخات الحقيقية والصحيّة والمؤاتية لاستنهاض الوضع الإقتصادي في منطقة طرابلس والشمال. هناك مشاريع بحاجة إلى تحريك بحاجة إلى تأليف مجالس إدارة وغيرها ولكن أيضاً هناك دور ينبغي أن يقوم به القطاع الخاص".
وقال: "جميعنا نعلم وضع الدولة وماليّتها، وعلينا أن نحول الإمكانات الكامنة لدى طرابلس والشمال إلى أعمال تنفيذية، وأعتقد أن هناك فرصة لهذا الزواج الشرعي الصحيح بين الدولة والقطاع الخاص في لبنان من أجل استنهاض الوضع الاقتصادي في طرابلس والشمال وفي كل لبنان".
وختم: "هذه المرحلة شديدة الأهمية وعلينا أن نحوّل هذه الأزمات التي تعصف بنا إلى فرص مستجدة وأعتقد أن هناك إمكانية للقيام بذلك".
إعلان طرابلس
وقد صدر عن المجتمعين البيان الآتي: بنتيجة الأحداث الدامية التي شهدتها مناطق الساحل السوري مؤخراً، وما نجم عنها من نزوح إلى لبنان، وانعكاسات وتوترات عابرة في مدينة طرابلس وشمالي لبنان، تداعى أصحاب الدولة والمعالي والسعادة والسيادة والسماحة والفضيلة، إلى اجتماع في دارة الرئيس نجيب ميقاتي في مدينة طرابلس، للبحث في مخاطر وأبعاد ما جرى في منطقة الساحل السوري وتداعياته على منطقة الشمال اللبناني ومناطق أخرى من لبنان.
ونتيجة التداول أصدر المجتمعون البيان الآتي نصه:
أولاً: يستنكر المجتمعون ويدينون أشدّ الإدانة الأحداث الدامية التي شهدتها مناطق وقرى الساحل السوري، وما أدت إليه من تجاوزات يجب ضبطها فوراً.
ثانياً: يثني المجتمعون على توجّهات الحكومة السورية وإجراءاتها، مع التشديد على جمع واحتضان مختلف مكونات سوريا الوطنية، والحفاظ على وحدة وكامل التراب السوري، والعمل على استتباب الأمن وإحلال الأمان وبسط سلطة الدولة السورية الحصرية والكاملة على كل أراضيها ومرافقها. كما يثمّنون إعلان الحكومة السورية العمل على إنجاز التحقيق المستقل في ما جرى ومحاسبة المسؤولين والمتورطين في أعمال قتل المدنيين الأبرياء والعزّل، واتخاذ الإجراءات الصارمة لمنع هكذا أعمال إجرامية مشينة وحماية المدنيين من كل أطياف الشعب السوري وتوجهاته، وتسهيل عودة النازحين، بعد أن سقط مفهوم اللجوء المعرّف بإعلان جنيف. فاللاجئ هو الذي لا يرغب أو لا يستطيع العودة الى بلاده، وهذا يعني أنه لم يعد في لبنان لاجئون بحسب المفهوم الدولي.
ثالثاً: يتوجه المجتمعون من مدينة طرابلس، مدينة العلم والعلماء، ومدينة الوطنية الحقة والعروبة الأصيلة والعيش المشترك والواحد، والتي سبق أن عانت من أحداث مؤسفة وظلم وتهميش في مراحل متعددة من تاريخها الحديث، وانطلاقاً من التجربة اللبنانية المريرة في الإقتتال والتناحر الداخلي المؤسف الذي سبق وعانى منه لبنان، يتوجهون إلى الأشقاء السوريين، وكذلك الى جميع اللبنانيين منبّهين ومحذّرين من مغبة وخطورة التورّط من جديد في مواجهات أهلية عنفيّة، لأنّ التجارب أثبتت أنّ العنف واستخدام السلاح في داخل الوطن، لا يؤدي إلا إلى إشعال نيران الأحقاد واستدراج الثأر والثأر المضاد، مما يؤدي إلى الوقوع في الفخ الذي تنصبه وتعمل عليه إسرائيل، وهي التي تستمر في اعتداءاتها واحتلالها لمناطق في لبنان.
ولا بد أيضاً من العمل على تعزيز ثقافة المغفرة والمصالحة وعدم الإنتقام. فالإنتقام لا يولّد إلا الإنتقام والفوضى والأحقاد.
رابعاً: يدعو المجتمعون الدولة اللبنانية الى التواصل مع الهيئات والمنظمات الدولية المعنية الى متابعة الأوضاع المستجدة في مناطق شمال لبنان الحدودية بفعل التدفق المستجد للنازحين السوريين بسبب الأحداث الجارية في سوريا. فهذه المشكلة تشكل ضغطاً إضافياً على لبنان يضاف الى الضغوط المستمرة في ملف النزوح السوري منذ سنوات. كما نطالب بالتنسيق بين المفوضية وسائر المنظمات الدولية المعنية مع الحكومة اللبنانية عبر أجهزتها المختصة لحل هذه المعضلة، وضبط المعابر، وتأهيل المعابر الشرعية، لأنه لا يجوز أن يبقى هذا الملف ورقة تضغط على الواقع اللبناني، في وقت لم تعد للبنان القدرة المالية والخدماتية والسياسية على تحمل تداعيات هذا الملف. كما أن الأولوية في هذه المرحلة يجب أن تكون لتمكين الإغاثة الطارئة وإعادة النازحين السوريين تباعاً إلى بلادهم بعد استقرار الأوضاع في العديد من المناطق السورية.
خامساً: يرى المجتمعون، مع بدء مسيرة التعافي في لبنان، والتي انطلقت مع انتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وتأليف حكومة الإصلاح والإنقاذ الجديدة برئاسة الدكتور نواف سلام، وجوب تضافر جهود جميع اللبنانيين وتضامنهم وتآخيهم، وتعزيز وحدتهم الداخلية، وبالتالي التنبّه للمؤامرات المحاكة والفتن المدبرة، وذلك بالتمسك بسيادة الدولة اللبنانية وسلطتها الواحدة والحصرية على كامل أراضيها ومرافقها، والإحترام الكامل للدستور ولحسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف، والتمسك بحكم القانون والنظام، والإحترام الكامل لقرارات الشرعيتين العربية والدولية ذات الصلة.
وشدد المجتمعون على رفض محاولات العدو الإسرائيلي فرض التطبيع مع لبنان، وكذلك فرض أمر واقع عبر استمرار احتلال بعض المناطق. كما طالبوا الدول التي رعت تفاهم وقف إطلاق النار الى الضغط على العدو الإسرائيلي للإنسحاب من كل المناطق التي لا يزال يحتلها ووقف خروقاته المستمرة للسيادة اللبنانية.
سادساً: إن شمال لبنان ومدينة طرابلس، وهي العاصمة الثانية للبنان لا يزالان يعانيان الكثير من المشكلات المتراكمة التي تحتاج إلى معالجة مستمرة، ولا سيما على الصعيد الأمني لضبط الفلتان الحاصل واتخاذ كل الإجراءات الأمنية الوقائية، وهما ينتظران من الحكومة الجديدة الإهتمام بهما. ومن ذلك، العمل على إقرار قانون اللامركزية الإدارية وإحياء وتنفيذ المشاريع المقرّة والأخرى الضرورية لتعزيز الأوضاع الإقتصادية، وملء الفراغ في المؤسسات الرسمية ومعالجة الشغور القضائي، بما يسهم في معالجة الأوضاع الأمنية وانتعاش الحركة الإقتصادية التي تحتاجها مدينة طرابلس ومنطقة شمال لبنان.
عاشت مدينة طرابلس، عاشت منطقة الشمال، عاش لبنان..


